متحف الشفاء:

أفرز الإسلام في العصور الوسطى أعظم الأطباء في التاريخ، الذين كانوا رواداً سباقين في مختلف العلوم الطبية، وأسهموا في دفعها إلى الأمام حتى انتفع العالم كله من أبحاثهم واكتشافاتهم. ونظر العلماء من مختلف الأعراق والديانات إلى اللغة العربية كلغة للعلم. واعتمد علماء العصور الوسطى وبدايات عصر النهضة في أوروبا على إسهامات الأطباء المسلمين كأساس لمشروعهم الطبي. ويعد "متحف الشفاء" الأول من نوعه في إبراز ما وصلت إليه الحضارة الإسلامية في علوم الطب والجراحة، ويُعرِّف الزوار بإسهامات العلماء المسلمين وانجازاتهم التي شكلت اللبنة الأساس لما وصل إليه الطب من اكتشافات وتقدم وتطور في أساليب العلاج في عصرنا الحاضر. 

ينقسم المتحف إلى تسعة أقسام رئيسية هي الطب النبوي، الترجمة والتأليف، العدوى والوباء، براعة التشخيص، طب العيون (الكحالة)، التشريح وعلم وظائف الأعضاء، طب النساء والولادة، الصيدلة، والجراحة. ويتناول كل قسم من هذه الأقسام أحد جوانب العلوم الطبية التي ساهم العلماء والأطباء المسلمين في نهضتها، مستعرضًا العشرات من مخطوطاتهم الأصلية النادرة وكتبهم المطبوعة، وأدواتهم الطبية والجراحية والصيدلانية وغيرها من المقتنيات. 









كما يفرد المتحف أجنحة خاصة بإسهامات أربعة من أشهر علماء الحضارة الإسلامية وهم أبو بكر الرازي، ابن سينا، أبو القاسم الزهراوي وابن النفيس، الذين أحدثوا طفرة كبيرة ومتقدمة في جميع مجالات العلوم الطبية في العصر الذهبي للحضارة الإسلامية، وشكلت تلك الاكتشافات والنظريات والمؤلفات حجر الأساس لمناهج التعليم وبروتوكولات العلاج في كبرى الجامعات والمستشفيات حول العالم لقرون عديدة مضت وحتى عصرنا الحاضر. كما يسلط المتحف الضوء على عدد من رواد الطب المسلمين المعاصرين الذي تركوا بصمات وإنجازات تكتب بماء الذهب في خدمة الإنسانية والممارسة المهنية في الطب وعلومه.

يعرض المتحف عددًا من أهم المخطوطات والمقتنيات التاريخية المتعلقة بالطب منها أقدم مخطوطة معروفة من كتاب "إصلاح الأدوية" لحبيش الأعسم، يعود تاريخها للقرن الثالث الهجري، ومخطوطة وحيدة في العالم بعنوان "حياة النفس" لأبي إسحاق المتطبب، كُتبت في أيام حصار غرناطة الذي انتهى بسقوط الأندلس. كما يعرض المتحف نسخة نادرة من كتاب "الموجز في الطب" لابن النفيس، مؤرخة عام ٨٧٩هـ، ونسخة يعود تاريخها للقرن العاشر الهجري من كتاب "الحاوي" أشهر كتاب أبو الرازي على الاطلاق، ونسخة مخطوطة مبكرة من تذكرة داود الأنطاكي، وعدد من المخطوطات النادرة المزودة برسومات لتشريح جسم الإنسان. كما يضم المتحف كتبًا مطبوعة نادرة مثل الطبعة العربية الأولى لكتاب القانون في الطب، والتي طبعت عام ١٠٠١هـ، والطبعة اللاتينية الاولى من كتاب الجدري والحصبة للرازي، وطبعة هندية هامة من كتاب "التصريف" لأبي القاسم الزهراوي.